ارتفاع الذهب للأسبوع الثامن على التوالي: بين المخاوف التجارية والطلب على الملاذ الآمن

 شهدت أسواق المعادن النفيسة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب للأسبوع الثامن على التوالي، مدفوعًا بالإقبال المتزايد عليه كملاذ آمن وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي. 

ارتفاع الذهب للأسبوع الثامن على التوالي: بين المخاوف التجارية والطلب على الملاذ الآمن


وعلى الرغم من تراجع الأسعار بشكل طفيف يوم الجمعة بسبب عمليات جني الأرباح، إلا أن الذهب واصل تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الأسبوع، حيث لامس سعره 2954.69 دولارًا للأوقية (الأونصة) يوم الخميس، ليؤكد مكانة هذا المعدن النفيس كأحد أهم الأصول التي يلجأ إليها المستثمرون عند ظهور أي مؤشرات على الاضطرابات الاقتصادية أو السياسية.

العوامل الدافعة لارتفاع الذهب

يمكن إرجاع الزيادة الأخيرة في أسعار الذهب إلى عدة عوامل رئيسية:

  • خطط ترامب للرسوم الجمركية: أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاوف الأسواق العالمية بإعلانه نيته فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات، مما زاد من التوترات التجارية العالمية. وقد سبق أن فرض ترامب رسومًا بنسبة 10% على الواردات الصينية ورسومًا بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم منذ توليه المنصب في يناير/كانون الثاني 2025. هذه الخطوات تُعتبر مصدر قلق بالنسبة للمستثمرين الذين يخشون من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي العالمي.
  • الإقبال على الملاذ الآمن: في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، يتجه المستثمرون إلى شراء الذهب كوسيلة لحماية رؤوس أموالهم. فقد أكد محللو "كومرتس بنك" أن الطلب على الذهب يقوده حاليًا المستثمرون الغربيون والبنوك المركزية، مع انضمام مستثمري الصناديق المتداولة في البورصة إلى هذا التوجه.
  • ارتفاع الطلب الاستثماري: منذ بداية عام 2025، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 11.5%، مدفوعة بزيادة الطلب من قبل المستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات أكثر استقرارًا في ظل البيئة الاقتصادية الحالية.

تأثير سياسات الفائدة الأمريكية

يلعب مسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة دورًا مهمًا في تحديد جاذبية الذهب كاستثمار. ومع أن سياسات ترامب تُعتبر تضخمية، فإن ارتفاع معدلات التضخم قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة. هذا الأمر قد يؤثر سلبًا على الذهب لأنه لا يدر عائدًا مباشرًا مثل السندات أو الأسهم. وبالتالي، فإن أي توقعات بارتفاع الفائدة قد تؤدي إلى تقليل الإقبال على الذهب.


الذهب مقابل المعادن الأخرى

على الرغم من الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب، شهدت بعض المعادن النفيسة الأخرى انخفاضًا طفيفًا خلال نفس الفترة. فعلى سبيل المثال:

  • هبطت الفضة بنسبة 0.6% لتصل إلى 32.74 دولار للأوقية.
  • تراجع البلاديوم بنسبة 0.9% ليصل إلى 968.78 دولار.
  • نزل البلاتين بنسبة 1% ليصل إلى 969.05 دولار.

هذه الانخفاضات تعكس التركيز الكبير على الذهب كأفضل خيار استثماري في ظل الظروف الحالية.


التوقعات المستقبلية

مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، من المرجح أن يظل الذهب محط أنظار المستثمرين كأحد أهم الأدوات المالية للاستثمار. ومع ذلك، فإن أي تغييرات في السياسات النقدية الأمريكية أو تحسن في العلاقات التجارية العالمية قد تؤثر على مسار الأسعار مستقبلاً.

في ظل هذه الديناميكيات المعقدة، يبقى الذهب رمزًا قويًا للاستقرار والاستثمار طويل الأجل. وسواء كانت المخاوف الاقتصادية أو السياسية هي الدافع الرئيسي لارتفاع الأسعار، فإن الذهب يستمر في تأكيد مكانته كأحد أهم الأصول المالية في العالم.

تعليقات